2012-01-20

العراقيون يتفننون بإخفاء اموالهم عن بنوك الحكومة والسراق

http://www.almowatennews.com/filemanager.php?action=image&id=1031
نجار: يأتوني كخطاب لابنتي واكتشف أنهم يريدون مخابئ
وللنجار علي فاضل (56 سنة) "حكايات" مع مخابئ العراقيين "الغريبة والعجيبة".. ويقول "بعضهم ينتظر فراغ المحل من الزبائن لكي يسحبني معه إلى زاوية فارغة منه وكأنه يريد أن يتقدم لخطبة ابنتي وليس لعمل منضدة أو (كنتور) أو (بوفيه)، ليفاجئني بعد ذلك بأنه يطلب مني تصنيع كنتور مع مخبأ سري بداخله".

ويواصل فاضل حديثه عادة ما أنفذ هذه الطلبيات أو المخابئ خلال أوقات الظهيرة أو المساء لكي لا يرى أحد في الشارع ما أقوم به"، قبل أن يستدرك قائلا "إنه سر المهنة".


ويوضح فاضل "وفي بعض الأحيان يطلب أولئك المواطنون تنفيذ أشياء غريبة، بل ويضغطون علينا من اجل تنفيذها، ويلفت إلى أن أغرب تلك الطلبات هو صنع "تختة" (لوحة خشبية لتقطيع الخضار أو اللحوم) وتكون مجوفة من الداخل بشكل يسمح لي بحفظ ما لا يقل عن 50 ألف دولار فيها، ويقول "لكن على الرغم من محاولتي لإقناعه باستحالة ذلك وإمكانية صنع شيء مشابه لمطلبه لكنه كان
يردد أنت حلها ورتبها واطلب السعر إلي تطلبه فأنا لا أنام الليل منذ أيام وأخشى سرقة تعب عمري من قبل اللصوص والعصابات".

استغرب أحد الرحالة الغربيين قبل نحو قرنين من الزمن، سلوك العراقيين الغامض والحذر المرافقين له في إحدى رحلاته من بغداد نحو شمال العراق، ليكتشف أنهم كانوا مشغولين تماما بإخفاء ما كانوا يحملونه من أموال،
وبطريقة أثارت دهشته؛ فبعضهم خبأها في حزام يلتف على بطنه، أو في عباءته، فيما اختار آخرون أقل حيلة، عدم ترك أمتعتهم مطلقا، فهي تذهب معهم أينما ذهبوا، وطبعا لم يفهم الرحالة حينها السبب الذي يدعوهم للتصرف على هذا النحو.

ويبدو أن تساؤل الرحالة الغربي سيبقى قائما ولن يجيب عليه التقدم الذي حمله القرنان العشرون والحادي والعشرون في مجال خزن الأموال والاستفادة منها عبر المصارف والبطاقات المصرفية بأنواعها، فالعراقيون ساسة وتجار ومواطنون عاديون، لا يزالون منشغلين في اختراع طرق جديدة"خارج السياقات التقليدية" لخزن وحفظ أموالهم حتى هذه اللحظة، والأسباب تبدأ بانعدام الثقة بالمصارف وخاصة الحكومية منها والفساد والوضع السياسي كثير التقلب ولا تنتهي بعمليات السطو المسلح التي باتت ظاهرة أكثر خطورة ربما من "الإرهاب".

طلب كثيف على استحداث مخابئ في الحمامات
ويشرح رجل الأعمال البغدادي الحاج محسن أبو عوف(56 سنة)، همومه في حفظ أمواله قائلا "أنا مشغول تماما باختراع مخبأ في منزلي لا يصله حتى الجن الأزرق، ولدي فكرة لصنع خزانة تحت مقعد حمامي وأريد تصميم فتحة وهمية لتصريف المياه نهاية المنزل.

ويواصل أبو عوف وهو صاحب شركة للمقاولات الإنشائية حديثه ، ويقول إن هذه الظاهرة الجديدة لا تشغله وحده فحسب، ويلفت قائلا إنها "غزت العاملين في شركتي وباقي الشركات والورش الصناعية القريبة من هنا"، ويقصد في منطقة الصالحية وسط بغداد.


ويلفت أبو عوف إلى أن شركته باتت تستقبل العديد من الطلبات "الغريبة" لإنشاء مخابئ لأموالهم، ويضيف قائلا "تأتينا منذ مطلع العام الجاري في بغداد وفروعنا في المدن العراقية الأخرى طلبات كهذه يوميا من قبل المواطنين بعد اتساع حالات السطو المسلح والسرقة في وضح النهار".


ويوضح أبو عوف أن "شركته تقوم بتصميم وتنفيذ مخابئ للأموال عبر حفر مجوفات داخل أرضية المنازل وأخرى داخل الجدران وتحت بلاطات بالحمام، ويتابع "نعمل فتحات مجاري وهمية لتصريف المياه وعمل نقوش مغربية وأسقف ثانوية للتمويه".


وهنا يبتسم الحاج أبو عوف ويلفت إلى أن ما ذكره "يتعلق بما هو متداول ومشاع بين العراقيين حاليا لحفظ أموالهم"، ويوضح باعتزاز "ولكن نحن لدينا وسائل وابتكارات لا يقدر أحد إلا الله تعالى على الإطلاع عليها ومن غير الممكن الإفصاح عنها"، بحسب تعبيره.


المخابئ المبتكرة تفاجئ القوات العسكرية أثناء المداهمات
ويعبر الضابط في الجيش العراقي (ش . ع) عن دهشته إثر إشرافه على عملية تفتيش لمنزل منذ أيام في بغداد من طريقة صاحب المنزل في حفظ أمواله، "التي اكتشفناها عن طريق الصدفة".

ويقول الضابط في دخلنا إلى منزل لتفتيشه ولفتنا أن زوجته كانت تنظر إلى جهاز تلفاز مغلق وموضوع وسط غرفة الجلوس وهي ترتجف وتطيل النظر إليه بصورة جعلتني اشك بوجود خطب ما في هذا الجهاز فقمت بالتقدم إليه وما أن لمسته حتى صاحت الزوجة أخي بالله عليك هذا التلفاز يحوي على مالنا الذي جمعناه لشراء شقة سكنية".

ويضيف الضابط "وبالفعل كان يحوي على أموال كثيرة وما كان مني إلا الضحك وطلبت من الجنود مغادرة المنزل فورا والاعتذار منهم ونصحته بتغيير المكان بعد انكشاف سره".

وضعوا السكين على رقبتي..و"بنت الكلب"  زوجتي اعترفت
لكن ما أثار ويثير عجب واستغراب الحاج ابو عوف والمهندس العبيدي والنجار علي وضابطنا الذي يغير مع عناصره على المنازل لتفتيشها، كان مبررا تماما لدى حسين المدرس (52 سنة) الذي يقول إنه كان ضحية لعملية سطو مسلح في منطقة الأمين الثانية شرق بغداد.

ويقول المدرس  وهو يتذكر الحادثة ويتألم "سرقوا مني 89 ألف دولار وربع كيلو ذهب وكله بسبب زوجتي"، ويوضح بالقول "لدى دخول العصابة إلى المنزل صباح الثالث من أكتوبر الماضي قاموا باحتجازنا في إحدى غرف المنزل وعندما لم يعثروا على شيء وضعوا سكين على رقبتي وهددوا زوجتي بقتلي فانهارت بنت الكلب "أي زوجته" وأخبرتهم أن المال والذهب موجود في مخبأ في أسفل درج ملابسي الداخلية".

ويتابع المدرس حديثه بنوع من الحسرة والحزن، ويقول "لو قاتليني أفضل من إخبارهم على مكان المال فعلى الأقل سيكونون هم براحة وغناء بدلا من الفقر الذي أعيش فيه حاليا ولا أحتمله!".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق