2012-02-11

سجن سري يثير أسئلة حول شرعية عمليات أميركا وبريطانيا بالعراق


 
   alt



مجموعة العراق للاعلام IQGM :  الكشف عن حالة وفاة سجين عراقي في طائرة مروحية عسكرية بريطانية، ضرباً حتى الموت على يد جنود بريطانيين، أدى إلى سلسلة من التحقيقات التي كشفت بدورها عن سجن سري، الامر الذي يطرح أسئلة عديدة حول قانونية وشرعية العمليات العسكرية الاميركية والبريطانية في العراق.
وتناولت صحيفة الـ "غارديان" البريطانية تفاصيل موت سجين عراقي اثناء نقله بطائرة هليوكوبتر بريطانية في نيسان من عام 2003 في الصحراء الغربية العراقية، وهو واحد من مجموعة من المحتجزين، تقول تقارير إنه ضرب حتى الموت على يد جنود بريطانيين.

وبذلت وزارة الدفاع البريطانية جهوداً كبير لإبقاء الحادث سراً، وناورت وراوغت لتجنب الإجابة عن أسئلة حول الحادث، كما أن الفاعلين المزعومين لم يواجهوا تهماً أو عقوبات، فيما نقل باقي المحتجزين إلى سجن سري، الأمر الذي يثير تساؤلات حول قانونية تلك العمليات التي كانت تتم بتنسيق عال مع القوات الاميركية.

وحادثة مقتل العراقي على متن طائرة هيليكوبتر تابعة للقوات البريطانية كشفت عن وجود معسكر اعتقال سري في العراق قبل انكشاف فضيحة أبو غريب، ما يشير إلى أن أميركا وبريطانيا انتهكتا للقوانين الدولية في العراق بصورة منهجية. إضافة إلى التقارير التي تتحدث عن مقتل موظف فندق عراقي اسمه بهاء موسى، تعرض للضرب حتى الموت بدون أي مبرر.

وعقب سقوط بغداد، اعتقلت قوات بريطانية مجموعة مدنية غير مسلحة من العراقيين والسوريين بينهم رجل كسيح (فاقد ساقيه) ويستخدم أقداماً اصطناعية. بعد القاء القبض على المجموعة، عمد الجنود البريطانوين إلى نقلهم بالطائرة بعد تكبيلهم وضربهم حتى توقف اثنين منهم عن الحركة وتبين لاحقا أن أحدهما قد لقي حتفه وكان اسمه طارق صبري الفهداوي، لكن التقارير كانت تشير إليه باسم آخر هو "تانك محمود"، وفقاً لما كشفته وثائق استرالية وبريطانية.

وأشارت الـ "غارديان" إلى أن القوات الأميركية والبريطانية كانت تستخدم معسكرات اعتقال سرية في العراق، لا تخضع لإشراف أو علم الصليب الأحمر ووقعت فيها تجاوزات تتضمن عمليات تعذيب بحق المعتقلين، على الرغم من أن هذه السلوكيات قد منعت من قبل الحكومة البريطانية قبل عشرات السنين.

وعندما توفي المعتقل، حاولت السلطات البريطانية التعتيم على الحادثة ووضعها في إطار من السرية والغموض. لكن صحيفة الـ "غارديان" اتصلت بوزارة الدفاع البريطانية، في محاولة منها للخصول على المعلومات والتوضيحات، غير أن أسئلتها قوبلت بـ "درجة غير عادية من العرقلة والتشويش، والتهرب من الأسئلة لأسابيع وأشهر".

وبحثت الشرطة التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في عملية الوفاة، وسمي التحقيق الذي أجري في ذلك الوقت بعملية "ريكر"، غير أن النتيجة بقيت سرية، ولم توجه التهم إلى أي من الجناة المزعومين.

وعندما سألت الغارديان عن المكان الذي كان يجري أخذ المعتقلين اليه، أجاب وزارة الدفاع البريطانية بأنهم "كانوا في طريقهم إلى معسكر لأسرى الحرب، يتم تفقده بشكل منتظم من قبل الصليب الأحمر". لكن اتضح في وقت لاحق أن هذه المزاعم ليست صحيحة، إذ كانت القوات البريطانية تنقل المعتقلين إلى مكان سري تماماً.

وبعد ست سنوات كان الكولونيل نيكولاس ميرسر، يدلي بشهادته في تحقيق علني في وفاة بهاء موسى، موظف استقبال في فندق تعرض للتعذيب حتى الموت على يد القوات البريطانية في سبتمبر/أيلول من العام 2003.

وقال ميرسر، الذي كان من كبار محامي الجيش البريطاني في العراق، والذي حقق في وفاة موسى وعدة أشخاص آخرين لقوا حتفهم في السجن العسكري في المملكة المتحدة، إن الوزارة اعتبرت وفاة "تانك محمود" أي طارق الفهداوي – وهو اسم ربما استخدم للتعتيم على الحادثة – نتيجة لإصابة قاتلة بينما كان على متن المروحية، لكن سبب وفاته لا يزال مجهولاً.

وعلى الرغم من اعتبار وزارة الدفاع البريطانية وفاة محمود ناتجة عن إصابة قاتلة، إلا أنها لم تفصح عن أية تفاصيل حول السبب المؤكد لوفاته، ونوع الإصابة القاتلة.

وفي نهاية المطاف، اعترف مسؤولون بأن سلاح الجو الملكي البريطاني تلقى شكوى من مجهول، قال إن "ثلاثة من أفراد فوج سلاح الجو الملكي البريطاني على متن المروحية قاموا بركل ولكم محمود الذي توفي بسبب الضرب المبرح الذي تعرض له".

في هذه المرحلة من التحقيقات التي أجرتها صحيفة الـ "غارديان"، تم تسريب تقرير مكتوب من قبل قائد سرب من فوج سلاح الجو الملكي البريطاني. وأظهرت هذه الوثيقة، التي أعدت كجزء من التحقيق، أن القوات الاسترالية اعتقلت الأسرى وقامت بتسليمهم إلى القوات البريطانية.

بدوره، قام الفوج البريطاني بوضع أكياس من الخيش على رؤوس الأسرى حيث تم اقتيادهم على متن طائرة من طراز شينوك، على الرغم من الحظر المفروض على تغطية الرأس الذي فرض على القوات المسلحة في المملكة المتحدة منذ أكثر من أربعة عقود.

وطلب من السجناء على الاستلقاء أرضاً على بطونهم، والذين رفضوا "تم إجبارهم بعد أن وقف الجنود فوقهم.  وبحلول الوقت الذي وصلت فيه طائرة الهليكوبتر إلى وجهتها، وجد أن اثنين من السجناء كانا "غير قادرين على الاستجابة"، فيما أدت الاضطرابات إلى افتراق جسد الشاب المعاق "بطريقة أو بأخرى عن ساقيه الاصطناعيتين".

وخلص تحقيق الولايات المتحدة إلى ـن قواتها استخدمت "وسائل السيطرة المناسبة" على الرجل الذي توفي، على الرغم من أن سلاح الجو الملكي البريطاني لم يبذل أية محاولة للاتصال بأقربائم وإبلاغهم بوفاته.

وتبين لاحقاً أن الشكوى التي وصلت إلى وزارة الدفاع البريطانية، أرسلها أحد أفراد طاقم المروحية، الذي لم يكن راضياً عما شاهده على متن المروحية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق