مجموعة العراق للاعلام IQGM : تشتعل الأحياء والمنازل على من فيها من النساء والأطفال والعجزة
ومن لم تصبه المحرقة فحتمًا سيواجه مصيره قتلاً بآلات البوذيين الحادة
لتنتشر الجثث والدماء في الطرقات، قربانًا لآلهة الحقد الطائفي ضد الأقلية
المسلمة.
المشهد ليس جديدًا في بورما فقد تكرَّر قبل ذلك بوقائع
تقلّ أو تزيد دموية ضمن سلسلة الجرائم المستمرة منذ ستة عقود، وسط تواطؤ من
الحكومة العسكرية الحاكمة وصمت دولي انتظارًا، لإبادة آخر شخص في الإقليم
الذي يضمّ 750 ألف مسلم لا يحملون أي جنسية ويقيمون في شمال ولاية راخين
المحاذية لبنجلاديش.
هكذا يعيش مسلمو إقليم أراكان- الذين ينظر إليهم من قبل
البوذيين على أنَّهم ليسوا من أهل البلاد- بين شقَّي رحى العنصرية وحرب
الإبادة المعلنة في آخر موجة عنف اندلعت ضدهم منذ أيام على خلفية شائعة
اغتصاب فتاة بوذية، وهي الأكذوبة التي نفاها مسلمو الإقليم مؤكدين أنَّ
وراء اشتعال جذوة العنف الطائفي ضدهم دوافع عرقية وسياسية.
بداية المؤامرة
كان إعلان حكومة الميانمارية البورمية منح بطاقة
المواطنة للروهنجيا "الأقلية المسلمة" في أراكان، بالنسبة للماغن "الأغلبية
البوذية" صفعة على وجوههم.. فهم يدركون تمامًا تأثير هذا القرار على نتائج
التصويت- في ظلّ الحكومة الجمهورية الوليدة- ويعرفون أن هذا القرار من
شأنه أن يؤثر في انتشار الإسلام.
لم يدخر البوذيون وسعًا في تنظيم المؤامرات مجندين عددًا
من الشباب من خارج بورما وبالتحديد في روسيا، ليبدأوا خطط إحداث أيّ فوضى
بهدف تغيير رأي الحكومة وموقفها تجاه المسلمين الروهنجيا حتى يصوروهم أمام
الرأي العام وأمام الحكومة بأنهم إرهابيون ودخلاء، ويتوقف بالتالِي قرار
الاعتراف بهم أو تأجيله، إضافةً إلى خلق فرصة لإبادة الشعب الروهنجي
المسلم، مع غياب الرأي العام الخارجي كلّيًّا، وسيطرة الماغن على مقاليد
الأمور وتواطؤ الشرطة البوذية معهم.
الفتنة
وسط هذه الأجواء المشحونة بالتوتر والمؤامرة، اتجهت
قدرًا حافلة تقلّ مجموعة من العلماء والدعاة المسلمين في بلدة "تاس وجوك"
البوذيّة التي يندر وجود المسلمين فيها، لأخذ قسط من الراحة فهاجمهم مجموعة
من الماغن البوذيين واجتمع على ضربهم وقتلهم قرابة 466 بوذيًا بالعصي على
وجوههم ورءوسهم بعد أن ربطوا أيديهم وأرجلهم في صورة تنعدم عندها كلّ
معانِي الإنسانيّة.
وحتّى يثير الماغن الفتنة ادّعوا أنّهم فعلوا ذلك
انتقامًا لمقتل فتاة بوذيّة زعموا أن أحد المسلمين اغتصبها وقتلها، مشيرين
إلى أنَّهم اشتبهوا بهؤلاء الدعاة على أنّهم هم من فعلوا ذلك!، علمًا بأن
الدعاة ليسوا أصلاً من تلك البلدة وإنّما كانوا مارّين فيها خلال عودتهم من
جولة دعوية.
موقف مخجل
كالعادة كان موقف الحكومة مخجلاً ومتواطئًا مع الماغن
بشكل سافر، حيث قامت بالقبض على 4 من المسلمين بدعوى الاشتباه بهم في قضية
الفتاة، وتركوا المئات الذين شاركوا في قتل هؤلاء الأبرياء، ما دفع شرارة
احتجاج الأقلية المسلمة ضد سياسة التمييز والعنصرية ضدهم.
شرارة الفتنة
وفي يوم الجمعة 19 /7 / 1433هـ ـ 8/6/ 2012 م، أحاط
الجيش المساجد في "مانغدو" ذات الأغلبية المسلمة، تحسّبًا لأيّة تظاهرات أو
شغب، احتجاجًا على قتل الدعاة العشرة وهي الفرصة التي كان ينتظرها
"الماغن" فقاموا بالاشتباك مع المحتجين وهو الأمر الذي ردّت عليه الحكومة
بفرض حظر تجول تَمَّت على إثره محاصرة أحياء الروهنجيا المسلمين حصارًا
محكمًا من قبل الشرطة البوذية الماغيّة، بينما تركت الحبل على غاربه للماغ
البوذيين يعيثون في الأرض الفساد ويزحفون على قرى ومنازل المسلمين بالسيوف
والسكاكين لتبدأ حملة إبادة منظمة ضدّ المسلمين في جريمة شارك فيها حتّى
كبار السن والنساء من البوذيين.
وهكذا بدأت سلسلة القتل وحرق الأحياء والقرى كاملة على
مرأى من الشرطة الماغية البوذية وأمام صَمْت الحكومة التي اكتفت ببعض
النداءات لتهدئة الوضع؛ ليمتد العنف وعمليات التطهير إلى أماكن أخرى كأكياب
أو سيتوي ذات الأغلبية البوذية فقاموا بحرق أحيائهم بالكامل، مستغلّين حظر
تجول فرضته الحكومة في المناطق ذات الأغلبية المسلمة، وضمنوا عدم استطاعة
زحف أي مسلم تجاه أكياب عاصمة أراكان.
نزوح للموت
وكنتيجة لهذا العنف والمحارق هام مسلمو أراكان على
وجوههم بعد أن أُحرقت منازلهم ما دفعهم للهروب عرض البحر على سفن متهالكة
وبلا طعام أو شراب ليكون مصيرهم الموت قبل أن يصلوا من أكياب إلى الدول
المتاخمة.
وطبقًا لِمَا نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، فقد قامت
قوات حرس الحدود في بنغلادش منذ أيام بإعادة ثمانية زوارق تقل أكثر من 300
مسلم من أقلية الروهينجيا غالبيتهم من النساء والأطفال كانوا يحاولون
الفرار من أعمال العنف في بورما.
وقال شفيق الرحمن عضو قوة حرس الحدود البنغالية لوكالة
"فرانس برس": إنَّ هناك أكثر من 300 من الروهينجيا المسلمين في السفن
الآتية من مدينة أكياب البورمية. كانت تقل نساءً وأطفالاً والكثير منهم
كانوا يبكون"، مشيرًا إلى أنَّه قد تَمَّت إعادة السفن الثماني الى الأراضي
البورمية"، ما يعني إعادتهم للموت.
الأكثر اضطهادًا
يشار إلى أنَّ العداء لمسلمي بورما أحد الأسس الرئيسية
للتكوين المجتمعي لدى البوذيين؛ حيث ينظر إلى المسلمين على أنهم مهاجرون
غير شرعيين رغم الوجود التاريخي للمسلمين في هذه البلاد.
ومنذ الانقلاب العسكري الذي حدث في 1962 عمدت الحكومة
العسكرية إلى حظر المسلمين من دخول الوظائف الحكومية والجيش, وطرد الآلاف
من مسلمي بورما خلال العقدين السابع والثامن من القرن الماضي إلى بنجلاديش.
بينما تعتبرهم الأمم المتحدة الأقلية الأكثر اضطهاداً في العالم.
قمع
اتَّخذ النظام البوذي في بورما إجراءات قاسية لطمس
الهوية الإسلامية, وذلك عن طريق هدم المساجد والمدارس التاريخية والآثار
الإسلامية, كما منعت الحكومة البوذية القيام بأعمال الترميم أو إعادة بناء
تلك المساجد أو المدارس التاريخية التي تهدمت بفعل عوامل الزمن.
فيما تعتبر الضغوط الاقتصادية جزءًا من الممارسات
الظالمة التي تنتهجها الحكومة البوذية ضد مسلمي بورما, حيث عمدت الحكومة
إلى رفع أسعار السلع الغذائية الضرورية في الأحياء ذات الأغلبية المسلمة
مما أدَّى إلى نشوء وضع أشبه بالمجاعة, ما دفع آلاف مسلمي بورما للفرار إلى
تايلاند وبنجلاديش للعيش في مخيمات حدودية.(رويترز)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق