مجموعة العراق للاعلام IQGM - لم
تكن كركوك بمنأى عن عمليات التهجير والاضطهاد التي تعرض لها يهود العراق
في منتصف القرن الماضي،لكنها لا تزال تحتفظ بذكريات تلك الطائفة التي عاشت
في المكان والذاكرة لسنوات،بل مازال صدى تلك الحياة راسخاً لدى الكثير من
الناس.
وبحسب مصادر تاريخية فان اليهود عاشوا في العراق منذ القدم وهاجر أغلبهم
سنة 1948، وفيما بعد تم الاستيلاء على أملاكهم وأموالهم وأسقطت عنهم
الجنسية العراقية.
وكان اليهود يشكلون 2.6% من مجموع سكان العراق عام 1947، في حين أن نسبتهم انخفضت إلى 0.1% من سكان العراق عام 1951.
وفي كركوك كان اليهود يسكنون في القلعة الأثرية الشهيرة التي مازالت حاضرة
حتى الآن، واتسعت رقعة سكنهم لتشمل أطرافها أيضا قبل أن يتركوها في
الخمسينيات.

وتحتوي قلعة كركوك الأثرية على أضرحة لثلاثة أنبياء من اليهود وهم دانيال وحنين وعزير، وأصبحت مزارا فيما بعد للسائحين.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن الغالبية العظمى من يهود العراق كانت تسكن
المدن مثل بغداد والبصرة والموصل وكركوك وغيرها، وساهموا في بناء العراق
حيث كان أول وزير مالية في الحكومة العراقية عام 1921 يهودياً ويدعى حسقيل
ساسون.
وقال نجاة حسين عضو مجلس محافظة كركوك لوكالة كردستان للأنباء
(آكانيوز)ان"كركوك الآن خالية تماما من اليهود لأنهم غادروا بعدما كانوا
يتخذون من القلعة مسكنا لهم".
وأضاف قائلا ان"عددهم قليل جدا لكن لا أعلمه بالضبط ، اليهود تركوا كركوك
بعد قيام دولة إسرائيل، وهناك حي في منطقة بريادي قرب سوق كركوك الكبير كان
يعرف بحي اليهود".

وتعرض اليهود في العراق إلى مضايقات واسعة قتل فيها منهم ونهبت ممتلكاتهم
في نها أربعينيات ااقرن الماضي.وبعد قيام دولة إسرائيل عام 1948م زادت
الحكومة ضغوطها باتجاه اليهود العراقيين.
وتعرضت عدة دور عبادة يهودية في بغداد للتفجير مما أثار حالة من الهلع بين
أبناء الطائفة والتي اتهم بها لاحقاً ناشطون صهاينة لتشجيع الهجرة من
العراق.
وفي البداية لم تسمح الحكومة العراقية لليهود بالسفر لكن لاحقاً أصدرت
آنذاك قراراً يسمح لليهود بالسفر بشرط إسقاط الجنسية العراقية عن المهاجرين
منهم.
وهاجرت غالبية الطائفة من العراق بعد ذلك في عملية سميت عملية عزرة ونحمية
إلى أن تم إغلاق باب الهجرة أمامهم وقد كان ذلك في بداية الخمسينيات حيث
بقي نحو 15 آلاف يهودي في العراق من أصل نحو 135 ألف نسمة عام 1948.
وعند وصول عبد الكريم قاسم للسلطة رفع القيود عن اليهود المتبقين في العراق وقد بدأت وضعيتهم تتحسن وأخذت الأمور تعود إلى طبيعتها.
لكن انقلاب حزب البعث عام 1968 واستلامه للسلطة أعاد الاضطهاد والقيود
عليهم ،ففي عام 1969 أعدم عدد من التجار معظمهم من اليهود بتهمة التجسس
لإسرائيل مما أدى إلى تسارع حملة الهجرة في البقية الباقية من يهود العراق
والتي شهدت ذروتها في بداية السبعينيات.
وعند الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 كان مجموع اليهود المتبقين في
العراق أقل من 100 شخص معظمهم إن لم يكن كلهم في بغداد والغالبية العظمى
منهم هم من كبار السن والعجزة.
ويقول سردار جباري تدريسي مادة التاريخ في ثانوية لـ(آكانيوز) ان"اليهود في
كركوك لم يكن عددهم كبير مثل بغداد، وكان وجودهم في القلعة بمنطقة
(جرداغلوا) ثم هاجروا وتركوا كركوك في الخمسينات".
واضاف "لم يبقى من هؤلاء سوى الذكريات، فكم جميل لو كان في كركوك يهود
لاصبحت هذه المدينة فيها كل القوميات والاديان لتكون مدينة للتآخي".
واشار الى ان "لليهود اسهام في بناء العراق وكانوا مشهورين في التجارة والموسيقى والفن والغناء والسياسة والزراعة ايضا".

ويقول مؤرخون إن المطربة الراحلة سليمة مراد
كانت يهودية، وإن عوفاديا يوسف حاخام اليهود الشرقيين في إسرائيل والزعيم
الروحي لحزب شاس لليهود الارثودكس من مواليد 1920 البصرة، وبنيامين بن
إليعازر وزير الدفاع الإسرائيلي الاسبق، ومير بصري كان مشهورا في علوم
الاقتصاد وألف كتبا عديدة منها كتاب مباحث في الاقتصاد والمجتمع العراقي.

صالح الكويتي وفرقته الموسيقية
ومن العراقيين اليهود الذين أشتهروا في المجال الموسيقي الموسيقار صالح
يعقوب عزرا أو كما هو مشهور صالح الكويتي وهو من كبار الموسيقيين
العراقيين، وعزوري العواد وهو العازف على آلة العود وموسيقي مشهور وسليم
شبث قارئ المقام العراقي ونجاة (العراقية) التي توفيت في إسرائيل 1989
وفلفل كرجي قارئ المقام.
وتقول ام أرتان (وهي امرأة مسنة عايشت طفولتها مع اليهود) إن "اليهود في
كركوك كانوا يجيدون التركمانية، لاننها كنا في القلعة وانا عمري كان 18
عاما أو اقل بقليل".
واضافت لـ(آكانيوز) متحدثة باللغة التركمانية "كان لدي صديقات يهوديات
وحزنت كثيرا على تركهم لكركوك، لم املك أي تواصل معهن سوى بعض الذكريات
التي ابكي كلما اعود إليها، وأتمنى أن أراهن قبل أن أموت".
وتابعت "لا اعرف لماذا تم تهجيرهم، اقسم بالله انهم لم يؤذوا نملة، بل
كانوا يخدموننا كثيرا، وكانت القلعة منارة للتعايش الديني ولا فرق بين مسلم
او يهودي او مسيحي".
واوضحت "أنه لا يوجد أي يهودي لا في القعلة ولا قربها ولا في كركوك، مشيرة
الى انهم كانوا يشاركون اليهود في كيبور اليهودي الذي يبدأ في ٦ تشرين
الاول".
وختمت حديثها بالقول "اتذكر اخر يوم وداع، كانوا واقفين على اضرحة
الانبياء الثلاثة ويبكون، كلنا نبكي، كان هذا اليوم الاخير، لنودع فيه جار
لنا لم يؤذنا ابدا بل بكى وبكينا عليه، اخشى ان ابكي هذه المرة على جاري
المسيحي لانهم يتعرضون للشيء نفسه".
وتعرض المسيحيون ايضا في كركوك الى سلسلة هجمات اجبرت العديد منهم على ترك
كركوك ومغادرتها الى مدن اخرى طلبا للامان، كما هو الحال بالنسبة للكثير
من المدن ومنها بغداد والموصل والبصرة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق