مجموعة العراق للاعلام IQGM - ردت محكمة العدل العليا في إسرائيل، دعوى رفعها تسعة لاجئين عراقيين قدامى (من زمن حكم صدام حسين)، يطلبون فيها تعويضا عن أيام الاعتقال وعن التعذيب القاسي الذي تعرضوا له داخل المعتقل، واللاجئون المذكورون، هم جزء من مجموعة ضمت 30 مواطنا عراقيا، كانوا قد هربوا من وطنهم إبان حرب العراق الأولى (سنة 1991)، وصلوا إلى إسرائيل عبر الحدود الأردنية، وسلموا أنفسهم للجيش الإسرائيلي، موضحين أنهم يطلبون اللجوء هربا من بطش صدام.
وقد روى كل منهم قصة تقشعر لها الأبدان، في حينه، عن العسف الذي تعرض له
كل منهم وأفراد عائلاتهم وقال أحدهم إن مخابرات صدام قتلت شقيقه لاتهامه
بمعارضة النظام، ثم اعتقلته وأجبرته على أن يدفع ثمن الرصاصة التي قتل بها
أخوه. لكن السلطات الإسرائيلية لم تصدقهم واعتقلتهم جميعا.
وراحت تحقق معهم بتهمة محاولة التجسس لصالح نظام صدام حسين. وأبقتهم في
المعتقل 6 شهور، حيث أطلقت سراح 21 شخصا منهم، فخرجوا يكافحون من أجل
الاعتراف بهم لاجئين. وتدبر قسم منهم أمره وتزوج من مواطنة عربية (من
فلسطينيي 48). أما العراقيون التسعة الباقون، فقد أبقوا في المعتقل طويلا.
ثلاثة منهم خرجوا بعد اعتقال دام سنتين ونصف السنة، وستة أطلق سراحهم فقط
بعد خمس سنوات ونصف السنة من الاعتقال.
وقد حاولت السلطات الإسرائيلية طردهم إلى الخارج، لكن تسعة منهم توجهوا
إلى المحكمة مطالبين بدفع تعويضات لهم عن أيام الاعتقال، وستة منهم أضافوا
مطلب التعويض أيضا عن التعذيب. وقد أنقذهم التوجه إلى المحكمة من الطرد.
وخلال المحكمة، كشفت إفادات مرعبة عن طرق التعذيب التي اتبعت بحقهم.
وكشفت صحيفة "هآرتس" عن أن أهم إفادة عن هذا التعذيب، قدمها ضابط سابق في
المخابرات الإسرائيلية (حظر نشر اسمه)، قال فيها إن زميلا له هو الضابط
المعروف بلقب جورج، هو الذي تولى التعذيب، وإنه فعل ذلك بأساليب وحشية
متميزة بحق المعتقلين العراقيين والسوريين واللبنانيين الذين وقعوا في
الأسر الإسرائيلي، إضافة إلى الأسرى الفلسطينيين.
فقد كان يقتحم غرفة التحقيق بطريقة هوجاء، ويمسك بخناق المعتقل ويضربه
ويصرخ في وجهه ويشتمه ويوقعه على الأرض، ويرفسه في بطنه، وفي بعض الأحيان
كان يدخل حاملا عصا سميكة يضرب بها المعتقل في شتى أنحاء جسده، وفي كثير من
الأحيان كان يحشو العصا في أماكن حساسة من جسد المعتقل ويهدد باغتصابه أو
بجلب رجال عصابات متخصصين بالاغتصاب.
وجورج هذا، ضابط يهودي اتخذ لنفسه اسما مسيحيا، واشتهر في المحاكم
الإسرائيلية، لأن معتقلين فلسطينيين وعربا كثيرين أشاروا إليه في قصص
تعذيبهم، وفي مقدمتهم الأسير مصطفى ديراني، الذي اختطفته المخابرات
الإسرائيلية من بيته في لبنان، بعد أن كان قد ألقى القبض على الطيار
الإسرائيلي رون أراد، لدى سقوطه في الأراضي اللبنانية قبل 26 سنة. وقد عين
جورج هذا في وظيفة كبيرة بعد تسريحه من المخابرات، ويعمل اليوم مستشارا
للشؤون العربية في قيادة الشرطة الإسرائيلية.
وقد انتهت المحكمة في سنة 2009، بقرار يلزم الحكومة بدفع تعويضات لبعضهم
بقيمة 80 دولارا عن كل يوم اعتقال، ولكنها رفضت دفع تعويضات عن التعذيب.
والسبب في هذا الرفض هو أن النيابة، التي تدافع عن ضباط المخابرات، جلبت
«إفادة معدلة» لذلك الضابط، يتراجع فيها عن اتهاماته.
وتبين، وفقا لصحيفة "هآرتس" أن الشرطة اعتقلت الضابط المذكور بتهمة
التحريض على جهاز المخابرات. وأن الملف ضده أغلق فيما بعد. وأن النيابة
ادعت أن إفادته كاذبة وأنه أدلى بها فقط لأنه كان على خلاف شخصي مع المدعو
جورج. وهكذا تمت لفلفة الموضوع، ودفع المعتقلون العراقيون الثمن، إذ إن
محكمة العدل العليا حسمت القضية ورفضت أن يدفع لهم تعويض إضافي عن التعذيب.
ويخشى هؤلاء العراقيون اليوم من طردهم من البلاد، خصوصا أن سلطات الدولة
تمنع حتى الآن نشر أسمائهم. فالسلطات تدعي أن الأوضاع في العراق بعد سقوط
صدام، لم تعد تهدد حياة أي منهم. وحتى لا يقولوا إن وجودهم في إسرائيل قد
كشف، ليبرروا رفض طردهم، قررت منع نشر أسمائهم حتى تقول إنهم ما زالوا
مجهولي الهوية وبإمكانهم الرحيل عن إسرائيل بأمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق