كانت قاعة محاكمة الموتى في العالم الآخر تسمى باسم قاعة التحقيق ، ويوجد بها اوزوريس جالساً على العرش وخلفه شقيقتاه ايزيس ونفيتس و14 نائباً، وفي وسط القاعة يوجد ميزان كبير وبجانبه وحش لحمايته، كما يوجد في القاعة أيضاً تحوت وانوبيس .

اوزوريس وباقي الآلهة، ثم يدافع الميت عن نفسه 36 مرة لأنه يخشى ألا يصدقوه فيعيد إقراره الدال على براءته متوجهاً نحو الـ 42 إلها (كانت مصر مقسمة إلي 42 إقليما فكان كل إله يمثل إقليماً من أقاليم مصر) و بعد ذلك يذكر الميت كيف كان خيراً يعطي الخبز للجائع ويقدم الماءللعطشان و يكسى العاري. وانه لم يلوث ماء النهر .

ثم يوضع قلبه في كفة الميزان وفي الكفة الأخرى تمثال صغير للحقيقة (معات) ولم يذكر تفصيلاً كيف يوزن قلب الميت ولا أحد يعرف هل الآثام كانت تثقل القلب أم تجعله خفيفاً ؟ وإذا أثبت أن هذا الرجل بريئاً كان له الحق في الحياة و السعادة في العالم الآخر أم إذا كان مخطئاً فإنه يدمر بواسطة الملتهمة(وحش خرافي مزيج من التمساح وأسد وفرس البحر

كان الشغل الشاغل للمصري القديم هو ما سيحدث له في المحاكمة لأنه كان يعرف أنه ليس كلالناس سوف يحظون بالنعيم في الآخرة،لذا فقد عمد الكهنة إلي عمل بعض التمائم والنصوص السحرية لحماية الميت وتبرئته في المحاكمة ومن هذه الصيغ السحرية صيغة تجعل إله الشمس (الذي يعتبر القوى الحقيقية وراء تلك المحاكمة) يسقط من سماواته في النيل إذا لم يخرج ذلك الميت برئ الساحة من المحاكمة.

كما وضع الفصل 125 في كتاب الموتى(سنتحدث عنه بعد قليل) لتخليص المذنبين من خطاياهم وكان هذا الفصل ينسخ على ورق بردي ليوضع داخل التابوت بين ساقي المومياء ليبرأ ساحة الميت، وكان الكهنة يتحايلون بهذه الطريقة على الشعب حيث أوهموهم أن بمساعدة النصوص السحرية يمكن أن تبرأ ساحة الميت وإن كان مخطئاُ .
ومن ضمن الأمثلة أيضاَ فى أسئلة القضاه في حساب المحكمة:
هل عشت أجلك الذي حدده لك الإله كاملاً؟
هل راعيت حق بدنك عليك كما رعاك الإله في شبابك؟
هل حفظت جسدك طاهراً كرداء نظيف لم تلوثه القاذورات؟
الحياة في العالم الآخر:

تصور المصري القديم أن الحياة في العالم الآخر مثلها مثل الحياة على الأرض حيث يوجد سماء مثل سماء الأرض ،ونظراً لأن الزراعة كانت عماد الحياة في مصر أيضاً ستكون ذلك في العالم الآخر حيث تصورا العالم الأخر حقول من القمح والشعير يحصدونها ويتمتعون بالخير الوفير والأمان .
ولكن النبلاء كان من الصعب عليهم أن يعملوا في الحقول فظهرت تماثيل الأوباتشي التي تمثل الخدم أثناء عملهم والخبازين والجزارين والنساء وهن ينسخن القماش، وفائدتها أنها تقوم في العالم الآخر بخدمة مولاها وعمل كل الأعمال التي كان يجب أن يعملها بنفسه.

كتاب الموتى:
كان من أهم الكتب لدي المصري القديم، وهو كتاب يحتوي على مجموعة من النصوص الدينية والسحرية عرفت عند المصريين باسم "فصول السير أثناء النهار" وكتاب الموتى في الواقع سليل نصوص الأهرام والتوابيت والمراد منه توفير حياة أخروية مريحة للميت وإعطائه القوى اللازمة لمغادرة المقبرة عند للزوم.
ومعظم ما وجد في المقابر أجزاء من كتاب الموتى التي كان يعتقد الميت أنه في حاجة إليها أما الباقي فلا ينسخ ولكن وجدت نصوص كثيرة تحتوي على كتاب الموتى كله، وفيما يلي بعض السطور من هذا الكتاب و ترجمتها حسب ترتيب السطر.
دعاء لـ "رع" عند ظهوره في الأفق الشرقي
أنظر "اوزوريس" كاتب قرابين الأرباب المقدسة جميعهم "آني" – يقول:
العزة لك يا من أتيت مثل "خبرى" خبرى مثل خالق الأرباب
إنك تبزغ ، وتسطع ، جاعلاً أمك ثاقبة ، متوجاً ملكاً للأرباب
تعمل لك الأم "نوت" بيديها فعل العبادة تستقبلك
كان الميت يخشى اعتداء اللصوص على الذهب والفضة الموجودين في القبر كما كان يرتاب الموظفين المنوط بهم لصيانة الجبانة، لذا فمن لا يؤدي واجبه منهم بإخلاص كان الميت يتوعده بأشد العقاب بأنهم لن ينالهم شرف التكريم الذي يمنح لأفاضل الناس، ولن يسكب عليهم أحد من المياه المقدسة ولن يتقلد أولادهم وظائفهم كما سوف تنتهك حرمات نسائهم على مرأى منهم ، أما إذا عملوا بجد فسوف يكافئهم الملك وسوف يمنحهم العديد من الوظائف .وإلي جانب ذلك كان يوجد موتى أشرار الذين كان المصري القديم يعتقد انهم يتركون مقابرهم ويزعجون الأحياء كما كان يعتقد أن أغلب الأمراض التي يعانيها الأحياء بسبب الموتى الأشرار .
وإلي هنا تنتهي فكرة الموت والخلود لدي المصري القديم .نرجوا أن نكون أعطيناها حقها.
ونكون قد ألقينا الضوء على كل جوانب الديانة المصرية القديمة بإيجاز وعرفنا شغف المصري القديم بالاهتمام بتجهيز نفسه للحياة الأخرى واتخاذه كل السبل للوصول للنعيم الدائم وكيف كانت العبادة ووجود الآلهة بمثابة ضمير وواعظ أخلاقي وكيف كان المصري أول من وصل إلي فكرة التوحيد والبعث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق