2012-04-03

كيف اعدم صدام حسين عضو القيادتين القومية والقطرية بشعرة الشارب ؟!!


 http://www.alquds1.com/1/songsadam/imagesaddam/hussein-saddam-1983.jpg
 

مجموعة العراق للاعلام IQGM -  عرفته اول مرة عام 1948 طالباً في ثانوية الكرخ ببغداد التي كنت قد دخلتها تواً، وهو يلقي قصيدة في حشد من طلاب المدرسة قبل ان يتوجهوا للاشتراك بمظاهرة شعبية ضد معاهدة عراقية بريطانية كانت ستعقد آنذاك بديلاً لمعاهدة 1930.

وحين توفيت بعد اكثر من عامين الملكة عالية والدة فيصل الثاني واقيم حفل تأبيني في المدرسة رفض الكمالي المشاركة فيه.


لكن اعلاناً على لوحة المدرسة كان يقضي بفصل عدد من الطلاب من بينهم الكمالي بتهمة احتساء البيرة على ساحل المدريسة المطل على دجلة ولا أدري ان كانت التهمة صحيحة ام مدبرة، كما لا اعرف كيف عاد الكمالي الى المدرسة وانهى دراسته ودخل كلية الاداب ببغداد، حيث دخلتها بعد اربع سنوات.


وكان اسم الكمالي يتردد في الوسط الطلابي والى حد ما في الصحافة الادبية ومجلة الاداب البيروتية، وكانت صحيفة محلية قد ذكرت بان الشرطة السرية عثرت على وكر طباعي، وان القبض قد القي على شفيق الكمالي الذي اخلت سبيله.


والكمالي الذي ينتسب الى مسقط رأسه في مدينة البوكمال على الحدود العراقية السورية، حافظ على علاقات طيبة مع اطراف الحركة الوطنية.


لكنه وهو يؤسس اول تجمعات طلابية لحزب البعث اوائل الخمسينات لم يتكيف للحياة في المنظمة السرية، ولم يخضع لسايكولوجية المنظمة مما جعل قرار صعوده الى القيادة الفكرية يأتي متاخراً.


ساهم الكمالي في سلطة الحزب الاولى والثانية بمواقع قيادية، ولم يسجل عليه او له نشاط في اقبية التعذيب، بل كان على العكس داعياً من دعاة التفاهم وساعياً الى اخراج المعتقلين من السجون قبل ان تصبح محاولة للشفاعة كهذه خروجاً على تعاليم حزبية يعاقب عليها مرتكبوها بالطرد من الحزب او السجن الى جانب الموقوف الذي يسعى الشفيع الى اطلاق سراحه.


ان عدم مساهمة الكمالي في نشاطات التحقيق وسعيه الى انتهاج سياسة التحالف مع الوطنيين العراقيين والقوميين العرب اضعف كثيراً من موقعه في الحزب.


ويسجل عليه صدام حسين بالاضافة الى هذا انه انتدب مبعوثاً من الحزب لحضور مؤتمر قومي مع زميله عبد الله سلوب السامرائي قبل وصول الحزب الى السلطة، لكنه لم ينقل الى المؤتمر وصية بترقية صدام حسين الى عضو قيادة قومية.


ولم يكن ذلك سيمر على ذاكرة صدام حسين الذي اصبح الرجل الثاني في السلطة، وكان متوقعاً للكمالي والسامرائي ان يكونا من اوائل الضحايا.


عين الكمالي وزيراً في الحكومة التي شكلها الحزب بعد 30 تموز 1968 وابعد سفيراً واعيد وزيراً.. وطرد مرة اخرى.. لكنه اصبح رئيساً لاتحاد الادباء العرب قبل ان يطرده صدام حسين ويعين مكانه بعثياً يدعى حميد سعيد.. رايت الكمالي 1967 في مكتب الشيخ جابر العلي وزير الاعلام الكويتي آنذاك، فخلوت به جانباً وقال:متى تكون للعراق العريق مؤسسات ونظام عمل كالذي استحدثه الكويتيون الناشئون في السلطة، فأجبته.. سيحدث ذلك اذا تنحى حزبنا عن السلطة.


وفي بغداد وفي فترة ابعاده عن مسؤولياته الرسمية والحزبية اتخذ الكمالي طاولة له في زاوية من غرفة بجريدة الجمهورية يشترك فيها معه صحفيون آخرون.


وعندما انفرد صدام بقيادة الحزب والسلطة في تموز 1979 كان شفيق الكمالي يتوقع ان يتصدر اسمه لائحة المبعوثين الواحد والعشرين من رفاقه الى ساحة الاعدام.


ولما لم يكن اسمه من بينهم اخذ يتصرف بهاجس من يعتقد ان قرارا بإعدامه سيصدر بين لحظة اخرى، وعليه ان يحول دون ذلك مستخدماً اداته الشعرية، فظهر امام الرأي العام العراقي غجرياً يحمل ربابته عند مضيف الشيخ، وقد قال كلاماً في صدام لم يصدر عن حاملي الربابة الغجرية، وكانت قصائده التي يحملها بنفسه الى مطربات الاذاعة راجياً تلحينها وتقديمها للمستمعين تخرج من اطار المسؤولية المشتركة والعمل المشترك في حزب واحد.


ان انهيار صورة الكمالي كانت ترضي مشاعر التشفي في قلب صدام.. لكن ذلك لم يكن يكفيه، وكان على الاجهزة المختصة ان تعد له سيناريو لعملية يوضع الكمالي طرفاً فيها.


لقد اعتقلوا نجله الاكبر (يعرب) واعتقل الوالد الذي اتهم بمحاولة تهريبه خارج العراق، وقتل الابن، هكذا نعلم واخرج الكمالي من السجن ليموت فجأة ولم يكن يشكو من مرض.


لقد انتهت حياة صديقي في الاربعينيات الذي هيأوني نفسياً لان اكون احد اتباع الحزب.. مات شفيق الكمالي احد صانعي المنظمة السرية، لأنه لم يستطع ان يلبي حاجاته السرية.


عبد الخالق السامرائي

يكنى (ابو دحام) وليس له دحام، فلم يتزوج ولا علاقة للصيغة الصوتية باجراء مقابلة متصورة مع كلمة صدام! رغم انهما اتفقا في وقت مبكر من انشقاق الحزب على العمل في جناح واحد، هو جناح ميشيل عفلق.. وهنا المفارقة!.

فالمعروف عن عبد الخالق انه يريد للحزب ان يكون داراً للفقراء وخيمة ثورية للعرب.. لكن املاً كهذا هل يتحقق في منظمة يقودها ميشيل عفلق وشبلي العيسمي والياس فرح.. ثم احمد حسن البكر وصدام حسين؟.


أي ان عبد الخالق وضع قدمه في الفراغ وهو يخطو الخطوة الاولى فاذا سألته -كما تساءلت مع نفسي- لماذا انت في هذا الحزب؟.


قال: ان الاصلاح الصحيح يتم من داخل المنظمة لا من خارجها.


واذا قلت له: ان محاولات سابقة اخفقت وبقي ميشيل عفلق، وان السوريين اصلحوا الحزب من الداخل، فلماذا جنحت الى شاطئ عفلق؟.


قال: ان محاولة الاصلاح ستنجح وميشيل عفلق على رأس الحزب عن طريق الالتزام بالشرعية وبدستور الحزب ونظامه الداخلي.


ربما لهذا السبب سمي درويش الحزب، او لأن نمط حياته الخاصة يوحي بالدروشة.. لباسه البسيط، نفسه يوم كان موظفاً صحياً، او معلماً في محافظة ديالى، داره التي لم يفارقها وقد صار عضواً في مجلس قيادة الثورة، عفافه كفافه وترفعه عن الدنايا.


لكنه لم يكن حمامة!

انه في الوقت المناسب مقاتل ومقتحم.. وقد يكون اختار او اختاروا له كنية ابو دحام لانه يدحم.. اي يهجم.

قاد في عام 1965 مجموعة مسلحة وانطلق ضد الذي تبدو حركته اثقل من حركة جدته كالسهم يصلي ببندقية رشاشة ضابط امن في جهاز الرئيس عبد السلام عارف كان معنياً بإيذاء البعثيين، فاراده قتيلاً على باب داره.

لكنه ظل رجل الحوار السلمي مع الوطنيين العراقيين ومع القوميين العرب واختير نائباً لرئيس الجبهة المساندة للثورة الفلسطينية التي يتزعمها كمال جنبلاط في لبنان.

كما بقي يدور في نشاطه بعد استلام السلطة عام 1968 على محور الثقافة رافضاً باصرار ان يحمل حقيبة وزارية متفرغاً لشؤون التنظيم الثقافي كما كان صدام حسين متفرغاً لشؤون مكتب العلاقات الخاص بالاغتيالات فجمع الاول حوله مثقفين وشعراء.. ورجال سياسة ونال ثقتهم.. وجمع الثاني حوله القادرين على النهوض باعمال الاستجواب والتحقيق واستخدام حوض الاسيد.


وفي الفترة التي كان عبد الخالق مسؤولاً عن شؤون الثقافة والاعلام شهدت صحافة التمويل والتبشير اعمق ازماتها، فلم يوزع على احد منها شيئاً ورفض مشروع استئجار الكتاب والمثقفين، لكن جيوباً عربية في القيادة القومية للحزب كانت قد اقامت لها اكثر من قناة مع اكثر من صحفي عربي.


يحمل اكثر من صحن وتقاسموا بينهم ما في الصحون!.


وكان عبد الخالق السامرائي يسيطر على وزارة الاعلام بصفته هذه، ومن خلال وزيرها عبد الله سلوم السامرائي، وعبد الخالق لا يفكر بتجاوز اعراف درجت عليها مدن صغيرة كمدينته ونواح كتكريت وقرى كالدور التي ينتسب اليها عزة الدوري وعانة التي ينتسب اليها عزة مصطفى وكحديثة التي ينتسب اليها مرتضى الحديثي في اولوية الولاء للجغرافية الصغيرة.. مدينته او قريته.. وافضلية ابنائها على غيرها في الفرص المتاحة، فجمع عبد الخالق السامرائي عدداً من ابناء مدينته على ان يكونوا بعثيين، وزع بهم اجهزة الثقافة والاعلام، بينما لم يلتزم غيره بهذا الشرط حين زرعوا مؤسسات الدولة بالمنحدرين من مدنهم وقراهم سواء كانوا بعثيين ام معادين للبعث!.


ولم يكن عبد الخالق سيدافع عن سامرائي آخر مهما علت منزلته اذا كانت الدلائل تشير الى تورطه بعمل مشين.. وهذا جانب اخر ينفرد به عبد الخالق السامرائي عن سواه من اصحاب الولاء للجغرافيا الصغيرة مما سهل على صدام حسين وهو في طريقه الى محاصرة عبد الخالق طرد عبد الله سلوم السامرائي اولاً للانفراد به، بعد ان قدم لعبد الخالق ولاعضاء القيادة تقريراً موثقاً (بالشهود) والصور حول ميول عبد الله سلوم النسائية او تورطه في مشكلات من هذا النمط، وكان هذا الاخير يكرر امامي في زياراتي له بعد طرده من قيادة الحزب والدولة ان المفصود والمستهدف هو هذا المغفل- يعني عبد الخالق- وليس انا!.


اما صدام حسين فكان يراقب عبد الخالق ويتابع نشاطه، فاذا عاد من حوار مع حزب وطني وعرض على القيادة القطرية حيث صدام يستمع وجهات نظر اشخاص في قيادة ذلك الحزب حول تحفظهم على التحالف مع الحزب الحاكم، فوجئ عبد الخالق في اليوم التالي باغتيال الشخص او الاشخاص اياهم!.


لكن اطراف الحوار لم تشك بنوايا عبد الخالق ولم تتجه نحوه اصابع الاتهام وردود فعل لم تظهر عليه ازاء عدوانية صدام بانتظار ما يعقده يوم الحساب في المؤتمر القطري القادم!! ولم يكن يخطط الى المؤتمر بالطريقة التي عاد يخطط بها صدام! ان الفرق بين طريقة كل منهما كان كبيراً.


ففيما كان عبد الخالق ينتظر الوصول الى موعد غير محدد بعد ليدخل المؤتمر القطري، كان صدام حسين يخطط لان لا ينعقد المؤتمر وعبد الخالق في قيادة الحزب!.


واذا كان عبد الخالق يمتلك الشرعية الحزبية وشاعر البعثيين ويحظى باحترام الاطراف الوطنية، فان صدام حسين كان قد انتهى من بناء منظمته السرية داخل الحزب، واصبحت قادرة على ان تضرب في كل مكان وعلى كل رأس بإيماءة صغيرة منه.


في ذلك الوقت من عام 1973 كان عبد الخالق السامرائي مازال مشغولاً بمشروعه الفكري لاعادة النظر بفكر الحزب وهو ما كان سيطرحه في المؤتمر المنتظر، وكانت لقاءاتنا قد تكثفت فاصدر كراساً بعنوان (حزب الطبقة العاملة) لتكريس نظريته بجعل البعث حزباً للفقراء، وقد ذهب الى ابعد مما كان عليه ان يذهب اليه، ودعا لأن تكون قيادة الحزب القطرية عمالية!.


واشار الى ان حزباً لا يقوده العمال سيظل مرهوناً لطبقة غير طبقة الشعب الكبرى.ولم اكن رغم حماسي لفكرة حزب الفقراء اتفق مع مطروحات السامرائي والتي بدت امامي استنساخاً للاوراق الماركسية وكانت نسخ الكراس توزع على الجهاز الحزبي ومنها نسخة للرئيس احمد حسن البكر وكان قد اطلع عليها الدكتور احمد عبد الستار الجواري الوزير والشخصية المقربة الى احمد حسن البكر الذي تجمعني به صداقة واصرة روحية وكان شديد الاستياء مما جاء في الكراس من افكار، ولعله اشار الى ان الرئيس البكر كان هو الاخر مستاء، فسألني عما اذا كان من المناسب الرد على الكراس في مقال او دراسة فاجبته بانني ناقشت هذه الفكرة مع عبد الخالق نفسه وانه يسعى الى شيء مماثل.


وهكذا صدرت لي دراسة على صفحتين من الملحق الاسبوعي لجريدة الجمهورية البغدادية في العدد الصادر يوم 30 حزيران 1973 حول مشروع السامرائي ودعوت الى اصدار (فتوى ايديولوجية) من قيادة الحزب يحتكم اليها اتباع الحزب، واشرت الى مستجداته ومدى انسجامها مع القاعدة الفكرية للحزب بعد ان عرضت مسودة المقال على عبد الخالق السامرائي قبل 48 ساعة على نشره.


وقد اجرى تعديلاً بخطه على فقرات منه ولم نتفق على اجراء تعديلات اضافية لكي لا يظهر المقال، وكأنه صادر عن عبد الخالق نفسه، وكنت اراعي موقفي الفكري من جانب وامامي اعتراضات الدكتور احمد عبد الستار الجواري، ولعل هذا وذاك جعل المقال موضوعياً، ولم اكن اتوقع وانا احمل نسختي من الجريدة قبل توزيعها في صباح اليوم التالي ان يشهد ذلك اليوم حدثاً درامياً كان يخطط له صدام حسين منذ وقت غير قصير فيعلن بيان لمجلس قيادة الثورة عن (مؤامرة) يقودها مدير الامن العام ذراع صدام الضارب ناظم كزار وزميله الاخر محمد فاضل عضو القيادة القطرية ومبعوث صدام الشخصي في مهمات التصفية الجسدية.


وان يوضع اسم عبد الخالق السامرائي معهما في المؤامرة اياها ويحكم عليه بالاعدام فيصعد سلم المشنقة الخشبية في سجن (ابو غريب) ويدعوه احد رفاقه المشرفين على تنفيذ الحكم بان يعترف او يقدم التماساً بالعفو عنه لكي تتوقف لحظات الاعدام، لكنه يرفض غير مذهول من تلك التي كانت ستكون النهاية ويوعز المشرف الى منفذي العملية بالتوقف واعادة عبد الخالق السامرائي الى السجن المؤبد في زنزانة تحت الارض لم يكن يعرف فيها ان كان الوقت نهاراً ام ليلاً!.


لم يعدم عبد الخالق السامرائي بعد موجة احتجاجات تزعمها كمال جنبلاط وقادة في الثورة الفلسطينية وزعماء احزاب في الاقطار العربية وقد قيل ان احمد حسن البكر لم يكن قد صادق على مرسوم تنفيذ الحكم، وان صدام حسين ارسل رفيقه الى ساحة الاعدام امعاناً في ايذائه او الحصول منه على تنازل.

وفي اليوم التالي استدعيت للاستجواب عن علاقتي بعبد الخالق وسبب نشر المقال الموسع عنه في اليوم الذي كان يعد فيه السامرائي لتنفيذ (مؤامرته)!.

ولم اجد صعوبة في الرد، فقد اخبرت المستجوب بأن المقال كتب بالاتفاق مع الدكتور الجواري وبرغبة الرئيس احمد حسن البكر وموافقة عبد الخالق الذي كان في تلك الساعة عضو القيادتين القومية والقطرية.


وبسجن عبد الخالق اصبح الطريق امام صدام حسين سالكاً للسيطرة على مكتب الثقافة والاعلام، واهمية هذا المركز ليس لانه يمنح صدام حسين بعداً ثقافياً فحسب، بل لانه المؤسسة التي يستطيع صدام حسين من خلالها ان يكثف من نشاط مكتب العلاقات الذي صار يسمى المخابرات العامة ومن خلال المراكز الثقافية ومكاتب الصحف والمجلات وبجهود الصحفيين العرب الذين اقاموا ستاراً ممتازاً يحجب عن الرأي العام العربي والعالمي مشاهد القمع في الداخل، ويقدم بدلاً من ذلك صورة الفروسية العربية الاولى في الوقت الذي كان المسؤول الثقافي للحزب عبد الخالق السامرائي يقبع في زنزانته، لم يكن وقد سأل امه التي سمح لها برؤيته بعد ثلاث سنوات يعرف في اي شهر وفي اي عام هو؟.


وقد انجز صدام حسين الكثير من الخطوات، فعقد المؤتمر القطري المنتظر كما اراده واختيرت قيادة من بين هؤلاء الذين شاركوا صدام في ازاحة عبد الخالق السامرائي، وكنت قد سألت احدهم عن اسباب ما حدث لعبد الخالق، فقال.. وهو يسجل نقاطه ومأخذه عليه انه كان يتناول مع سائقه ساندويج الكباب في السيارة ويحرج القيادة باصراره على السكن في بيت لا يليق بعضو في مجلس قيادة الثورة!.


وعندما سألته عن اي عيب في هذا؟ قال عضو القيادة القطرية: ان قادة الاحزاب الشيوعية يعيشون في قصور ضخمة، فلماذا يستكثر عبد الخالق على السيد النائب (صدام حسين) ان تكون له حياة لائقة به.

ومضت ثلاث سنوات اخرى وعبد الخالق مازال في زنزانته، وقد عرض في شريط فيديو فيلم لصدام حسين وهو يستمع الى اعترافات احد اعضاء القيادة القطرية الجديدة عن مؤامرة جديدة على صدام يقودها الرئيس حافظ الاسد وعدنان الحمداني ومحمد عايش وعبد الخالق السامرائي!.

وهنا ينهض علي حسن المجيد ابن عم صدام حسين ليقول:ان الحزب وقيادته وسلطتنا لن يكتب لها الاستقرار والاستمرار مادام عبد الخالق حياً يرزق.. فيمد صدام اصبعه الى شعرة شاربه ويقول: اخذه من هذا الشارب!.


في ذلك الوقت كانت قلة من الحراس تدخل زنزانة عبد الخالق ومعها بدلة الاعدام الحمراء في الطريق الى ساحة مجاورة للقصر الجمهوري، حيث نفذ فيه حكم الاعدام رمياً بالرصاص يوم 1979/8/8 وكان اثنان من اقربائه ينفذان اطلاق الرصاص عليه حسب قرار اتخذه صدام حسين والقيادة القطرية بتكليف اقرباء المحكوم بتنفيذ الحكم، فظهرت تجربة جديدة هي التي ندعوها، القتل برصاص العشيرة!.


والمفارقة الاخيرة ان الاعضاء الخمسة الجدد في القيادة القطرية التي شاركت صدام في ابعاد عبد الخالق ومن ضمنهم صديقي الذي كان ينتقد عبد الخالق السامرائي هذا الذي يأكل الكباب مع السائق، قد اعدموا معه في ساحة واحدة وساعة واحدة!.


اما صدام حسين فكان عند وعده الذي اعطاه لابن عمه في الاجتماع الحزبي، لقد اعدم عضو القيادتين القومية والقطرية بشعرة الشارب!!.


عدنان الحمداني

ولد عدنان في السنة التي ذهبت فيها الى المدرسة الابتدائية وسيبقى الفرق في العمر سبباً في الكثير من المناسبات الحسنة والمناسبة السيئة في حياته ونحن نرتبط بوشيجة قربى متينة، فوالدي خاله ووالده خالي وامي عمته وامه عمتي.. ثم اصبح خال اولادي.

لكن هذه القرابة لا ينبغي ان تفهم على انها سبب لوحدة اجتماعية او نفسية او حتى عائلية.. فقد كان ما بيننا من فروق يجعل كل واحد منا وكأنه قادم من عشيرة اخرى وبلاداً اخرى وطبقة اخرى!.


وكان اشقاؤه الثلاثة الكبار وهو الاصغر سناً في عائلته قد انسحقوا تحت الوطأة البرجوازية، فأقاموا لهم برجاً خاصاً وطقوساً خاصة غريبة منهم لا يزورون احداً من اقربائهم ولا يتحدثون بلهجة اهل لاسيما وقد ارسلوا لدراسة الهندسة في بريطانيا فاضاف ذلك بعداً آخر على بعدهم عن اهلهم.


اما عدنان فقد ارسله والده الى ثانوية في بغداد خاضعة لبرامج التعليم الامريكية وقد انفردت به بعد سفر اشقائه الثلاثة الى خارج العراق فكنت احرضه على ترك تلك المدرسة المعقدة التقاليد الملعونة في معايير الوطنيين العراقيين فتمرد على والده مما اضطره الى نقله الى مدرسة حكومية قريبة من بيتهم في الكرادة الشرقية ببغداد.


تلك كانت الخطوة الاولى والمهمة التي اتاحت لي اصطحابه معي الى المكتبات القديمة والتجوال في سوق الكتب والاطلاع على الصحف اليومية وزيارة اعمامه واخواله خلافاً لرغبة اشقائه الذين عادوا الى العراق في عام 1957 فذعروا لان شخصية شقيقهم الاصغر اخذت منحى اخر وهو يحب الشعر وهم يستنكفون منه!.


وهو يزور بيوت اخواله وخالاته واعمامه وعماته وهم منقطعون عن اية وشيجة لهم فبدأوا من جديد لاعادة تأهيله ونجحوا الى حد لكن ثورة 1958 وما تبعها من تطورات افسحت لعدنان في المجال لينتمي الى حيث انتمى وبسرعة قياسية اخذ يصعد درجات تنظيمية لم يكن مؤهلاً لها فاتصل بعد دخوله الى كلية الحقوق بعدد من المعجبين بعبد الناصر وجمد من الحزب لخروجه على تعاليم ميشيل عفلق عام 1961.


لكن اعيد الى التنظيم في الايام الاولى من انقلاب 8 شباط 1963 واستلام الحزب للسلطة وكان قد تخرج من (الحقوق) فارسلته المنظمة للاشراف على التحقيق مع المعتقلين السياسيين في دار قريبة من دارهم في الكرادة الشرقي
ة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق